اليمن - صنعاء - جنوب كلية الشرطةinfo@yemenacademy.edu.ye+967 1 248001

تنفيذ أحكام التحكيم التجاري الدولية في القانون اليمني دراسة مقارنة

الأكاديمية اليمنية للدراسات العليا > رسائل الماجستير > قانون خاص > تنفيذ أحكام التحكيم التجاري الدولية في القانون اليمني دراسة مقارنة
عنوان الرسالة
الباحث
مشهور محمد أحمد علي الدعيس
سنة الإقرار
لغة الرسالة
عربي
الملخص

الحمد لله الحاكم العدل، الحكيم في هديه وشرعه، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه، من أنار للأمة سبل الهداية وجعل الرضا تحكيما مرادفا للقضاء في الخصومات بين خلقه وبعد:
تشكل أحكام التحكيم التجاري الدولية الضمانة الأساسية للكثير من عقود التجارة الدولية، التي تعتبر محور العجلة الاقتصادية الدولية، فلا يكاد يخلو عقد منها إلا ويتضمن شرطا للتحكيم لحل ما قد يطرأ من نزاعات بين أطراف هذه العقود يحمل في طياته الجهة التحكيمية المختصة بحل المتوقع من النزاعات، سواء أكانت هذه الجهة مؤسسية لها نظامها الخاص أو فردية يتفق عليها الأطراف؛ فالنتيجة واحدة تتمثل في إصدار حكم تحكيمي فاصل للنزاع.
وهذه النتيجة لا تتجسد إلا بالتنفيذ؛ لإخراج حكم التحكيم التجاري الدولي من حيز المجال النظري والتصور إلى المجال العملي والتطبيق، حيث تعتبر الأحكام شطر العدالة وتنفيذها شطرها الآخر المحقق للعدالة باقتضاء الحقوق، فمن خلال التنفيذ يتحقق التطابق بين المركز القانوني لصاحب الحق وبين المركز الفعلي له.
ومن هنا تبرز أهمية تنفيذ أحكام التحكيم التجاري الدولية حيث تعتبر المرحلة المفصلية لتطلعات أطراف التحكيم، ولذا نجد الكثير من فقهاء القانون والمهتمين تطرقوا للحديث عن هذه المرحلة خصوصا على المستوى الدولي، فقد أُفردت لها أبحاث وندوات ومؤتمرات كان منها المؤتمر السادس المنعقد بمدينة شرم الشيخ المصرية عن “دور محاكم الدولة في التحكيم التجاري الدولي” في الفترة من 19 إلى 30 نوفمبر 2016م الذي تطرق إلى آليات تنفيذ أحكام التحكيم التجاري الدولية.
فالأهمية النظرية لبحث هذه المرحلة تتمثل في تحديد إطار قانوني – لإجراءات تنفيذ أحكام التحكيم التجاري الدولية – يتم من خلاله توحيد هذه الإجراءات للعمل على مواكبة التطور الحاصل في هذا الإطار، حيث أفرز هذا التطور الكثير من العلاقات التجارية بين الدول فيما يصب ومصلحة أطراف تلك العلاقات وأيضا الاقتصاد الوطني، فطبيعة هذه العلاقات عبارة عن عقود دولية تتضمن شروطا تتعلق بأطرافها، تحتاج إلى أحكام تتميز بالسرعة تضمن لأطرافها التنفيذ.
وأيضا لدراسة هذه المرحلة أهمية عملية تتمثل في خدمة العدالة؛ وذلك لأن بعض الشروط القانونية لتنفيذ أحكام المحكمين قد تقف حائلا دون وصول الحقوق إلى إصحابها، ومن هنا تلوح أهمية هذا البحث عند طلب تنفيذ الأحكام التي تمثل خلاصة الإجراءات القضائية؛ كونها النتيجة المتحصلة من التحكيم والوسيلة المؤكدة للوصول إلى الحقوق؛ ولأن تنفيذ الحكم أيا كانت طبيعته هو الهدف المرجو من إجراءات المحاكمة، والدافع بالخصوم لمحاولة الفوز بأكبر قدر من المكاسب، فإنه يمكن اعتبار لحظة التنفيذ هي بمثابة الفوز والاستحقاق.
ولأهمية هذه المرحلة نجد أغلب الدول قد نظمت لها أحكاما خاصة تتناسب مع ما لهذه الأحكام من طبيعة خاصة هي الأساس في وجودها، بل إن المجتمع الدولي والإقليمي اهتم بمرحلة تنفيذ أحكام التحكيم التجاري الدولية فعمد إلى عقد اتفاقيات تعالج هذه المرحلة؛ لإدراكهم أن هذه الأحكام ستصطدم بعوائق التقنين الداخلي للدول والتي أشدها صلابة تلك المتعلقة بالسيادة والنظام العام.
ومما تجدر إليه الإشارة أن مرحلة تنفيذ أحكام التحكيم التجاري الدولية لم تنل نصيبا وافرا من البحث والدراسة على المستوى المحلي في اليمن، فقد سبقت دراسات قيمة تعلقت بالتحكيم عموما إلا أنها لم تتطرق لهذه المرحلة بشكل تفصيلي إذ مرت عليها بإيجاز، فاسترعت هذه المرحلة الهامة انتباه الباحث بأن يفردها بدراسة منفصلة عن باقي موضوعات التحكيم؛ كونها النتيجة العملية التي يرمي إلى تحقيقها أطراف النزاع.
فكان الهدف من ذلك المساهمة في إيجاد آلية موحدة لإجراءات تنفيذ أحكام التحكيم التجاري الدولية يتحقق من ورائها إزالة عوائق التنفيذ بمواءمة النصوص والإجراءات وفقا لما يتناسب مع طبيعة أحكام التحكيم التجاري الدولية، بحيث تتوافق مع القواعد الدولية الخاصة بتنفيذ الأحكام، كما تعمل على حماية السيادة الوطنية وحماية الطرف الأضعف – في العلاقات القانونية – الذي غالبا ما يكون هو الطرف اليمني في عقود التجارة الدولية، وتعمل على شد انتباه المقنن اليمني إلى معالجة بعض النصوص المتعلقة بمرحلة تنفيذ أحكام التحكيم التجاري الدولية.
ولعل السبب العام لتناول بحث هذه المرحلة من مراحل التحكيم التجاري الدولي هو تلك الأهمية الآنفة الذكر وما يقف أمامها من عوائق تقوض نظام التحكيم فيصبح لا فائدة منه، إلا أن ثمة أسبابا خاصة للبحث في هذا الموضوع أهمها المشكلة الحاصلة في التقنين اليمني المنظم لهذه المرحلة، حيث لم يتطرق المقنن اليمني في القانون الخاص بالتحكيم إلى معالجة تنفيذ أحكام التحكيم التجاري الدولية، تاركا الباب مشرعا للقانون العام (قانون المرافعات) ليكون واجب التطبيق في هذه المرحلة الأشد أهمية من مراحل التحكيم، فلم يسند تنظيم هذه المسألة إلى قانون واحد يكون هو الواجب التطبيق على إجراءات التنفيذ مع الاختلاف الحاصل في النصوص المنظمة لهذه المرحلة في هذين القانونين.

لذا فإن هذا البحث سيتناول الإجابة عن الأسئلة الآتية:
• ما المعيار الذي أخذ به المقنن في تحديد طبيعة ودولية التحكيم؟
• ما أبرز الاتفاقيات في مجال تنفيذ أحكام التحكيم التجاري الدولية التي وقعت عليها اليمن والتي لم توقع عليها؟ وما مدى انسجامها مع القانون الوطني؟
• ما طبيعة القانون الذي ينظم إجراءات تنفيذ أحكام التحكيم التجاري الدولية في التقنين اليمني؟ وهل تتوافق مع القواعد العامة للتحكيم التجاري الدولي؟
• ما الإجراءات الواجب اتباعها عند طلب تنفيذ أحكام التحكيم التجاري الدولية في اليمن؟ وما مدى نجاح المقنن في تبسيط هذه الإجراءات؟
وللإجابة على هذه التساؤلات وغيرها تم بحث مرحلة تنفيذ هذه الأحكام، حيث استلهم الباحث من كتابات فقهاء وشراح القانون – على المستويين الخارجي والداخلي – الآراء القيمة فيما يخص موضوع تنفيذ أحكام التحكيم التجاري الدولية وما يتعلق به من تمهيد مهم، فقد أضْفَتْ على هذا البحث الأسس العلمية والمعلومات المفيدة التي لا يمكن الاستغناء عنها في كل بحث. فهي سند الباحث ومنهل مصادره التي جعلت الباحث ينتهج في دراسة هذه المرحلة المنهجية العلمية لاستقصاء المعلومة من مصادرها الرئيسية ما أمكن ذلك، مرتكزا فيها على المقارنة بين القانون اليمني والقانون المصري والقانون الأردني، وبعض القوانين الأخرى ذات العلاقة بالموضوع وتوضيح بعض النصوص القانونية وإبداء المقترحات بشأنها؛ لترجيح ما يُعتقد رجحانه مع تأييده بأسبابه التي توصل إليها الباحث.

شاهد أيضا