تهدف هذه الدراسة إلى معرفة أسباب محاولة إنقلاب 15 يوليو2016 العسكري في تركيا، مع توضيح المواقف الداخلية والدولية من الانقلاب، وإعطاء مؤشر لمستقبل العلاقة بين المؤسسة العسكرية والسلطة السياسية في تركيا.
كانت الانقلابات العسكرية سمة من سمات النظام السياسي في تركيا، حيث سبق وأن قامت المؤسسة العسكرية بأربعة إنقلابات عسكرية في البلاد قبل محاولة الانقلاب الأخير في يوليو 2016، وبمبرر حماية العلمانية، وكانت تقوم ببسط نفوذها وسيطرتها على البلاد من خلال سن وإصدار القوانين التي تمكنها من التحكم بالعملية السياسية وصناعة القرار، هذا وكانت الأحزاب ذات التوجه الإسلامي تتأثر بالعملية السياسية حتى وإن لم تشارك في السلطة. لكنه ومنذ وصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة سعى الحزب إلى ضم تركيا للإتحاد الأوروبي، الأمر الذي مكنه من تقليص دور المؤسسة العسكرية والحد من تدخلها في الحياة السياسة، من خلال قيامه بإجراء العديد من التعديلات الدستورية، أصبحت بعدها المؤسسة العسكرية محدودة الصلاحيات عكس ما كانت عليه سابقاً.
جاءت محاولة إنقلاب 15يوليو2016 لتؤكد عدم قدرة المؤسسة العسكرية على القيام بإنقلاب عسكري ناجح كما كانت تقوم به في السابق، وأن ما دفع الانقلابيين للقيام بهذا العمل هو تفاعل العوامل الداخلية والخارجية على حدًّ سواء، والمتمثلة في تقليص صلاحيات المؤسسة العسكرية، والأزمات التي مرت بها تركيا مع شركائها الإقليميين والدوليين وفشل سياسة تصفير المشاكل التي تبنتها الحكومة من وجهة نظر الانقلابيين، لكن هذا الانقلاب فشل لعدة عوامل من أبرزها حالة الديمقراطية التي تعيشها تركيا، الأمر الذي أدى إلى تبني الشعب خيار الحفاظ على ديمقراطيته بكل أطيافه السياسية. وقد كان لهذا الموقف الداخلي الأثر الكبير على المواقف الدولية والتي يمكن إعتبارها إنعكاس لها، إذ جاءت أغلب المواقف الدولية رافضة للعملية الانقلابية، وتقف إلى جانب الديمقراطية التركية، مع أن أغلبها جاءت متأخرة، أي بعد اتضاح فشل المحاولة الانقلابية.
وقد اعتمدت الدراسة في تحليلها هذا على المنهج الوصفي التحليلي لتحليل مختلف جوانب البحث ومنها المواقف الداخلية والخارجية والمنهج الإستشرافي لتوضيح مؤشرات مستقبل العلاقات بين المؤسسة العسكرية والسلطة السياسية في تركيا.
الملخص